الأربعاء، 24 يوليو 2013

غزوة الاحزاب

زمنها شوال من السنة الخامسة للهجرة

لماذا سميت غزوة الأحزاب ؟
 
 سميت كذلك لانه اجتمع فيها مجموعة من الأحزاب قصد القضاء على الإسلام والمسلمين في المدينة وكان يهود خيبر وبخاصة بنو النضير الذين طردوا من المدينة هم الذين جمعوا وحزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يروي ابن هشام انهم خرجوا حتى قدموا مكة على قريش فدعوهم إلى حرب محمد وقالوا إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله …..
ثم خرج هؤلاء اليهود إلى غطفان وبني مرة و أشجع وأثاروهم كذلك .فاستجاب أبو سفيان لدعوة اليهود وحشد لهذه الغزوة كل قواه ، وعمل لها كل حيلة رجاء أن تنجح ، وتجمعت قوى الأحزاب في جيش هائل لعل الجزيرة العربية لم تشهده من قبل ، إذ كان عدده يربو على عشرة آلاف مقاتل .
 
واتخذ المسلمون في هذه الموقعة موقف الدفاع فبدا الرسول صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الأمر وكان من بين أصحابه الذين سمع مشورتهم عليه الصلاة والسلام " سلمان الفارسي " الذي أشار عليه بحفر خندقا عميقا واسعا شمال المدينة ويلتف حولها من الغرب إذ كانت الجهات الأخرى محصنة بالجبال والنخيل ، وبدأ المسلمون بحفر الخندق وشاركهم الرسول صلى الله عليه وسلم في الحفر وبينما هم في ذلك الجهد والعمل تقاعس المنافقون وتخاذلوا بحجة شعورهم بالإرهاق ، واخذوا يتسللون هاربين من العمل دون إذن الرسول صلى الله عليه وسلم ويذهبون إلى بيوتهم بينما أبطال المسلمين منهمكين في الحفر وكانوا يسابقون بعضهم بعضا في الحفر كسبا للأجر وتنفيذا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وواجه سلمان الفارسي في حفره صخرة أراد كسرها لكنه لم يستطع تفتيتها لصلابتها ، طلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتركها له فامسك أداة الكسر وكبر وضرب الصخرة فانفلقت ….





وقد استغرق حفر الخندق عشرون يوما وفي رواية أخرى شهرا كاملا . من جانب آخر كان اليهود والمنافقين في المدينة يخوفون المسلمين ويضخمون أنباء الحشود المشركة ويشيعون أنه لا أمل للمسلمين في الدفاع عن المدينة وان كل قبائل العرب قد اتفقت للقضاء على الإسلام وقد وصلت بهم الوقاحة أن بعض المنافقين قال ساخرا " لقد كان محمدا يعدنا بقصور صنعاء وفارس وها نحن أحدنا لا يأمن على نفسه وهو يذهب لقضاء حاجته ! "" لقد أثر ذلك تأثيرا كبيرا على نفسية المسلمين وبدأ الكثير منهم يخاف واشتد عليهم الأمر فكانت قمة المحنة .
 
 
عند ذلك حاول عدو الله حي بن اخطب أن يقوم بشيء فيه من الخبث والمكر ما يأثر على الجبهة الداخلية في المدينة وذلك انه أتى كعب بن أسد وهو زعيم بني قريظة الذين عاهدوا الرسول ألا يحاربوا ضده ، فأراد هذا الخبيث أن يدخل حصن كعب فلما علم هذا الأخير قصده أوصد دونه أبواب الحصن ، ولكن عدو الله ظل يحاور كعب حتى فتح له أبواب الحصن ومازال معه يثنيه عن العهد وكعب يقول " دعني وما أنا عليه .. فاني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاءا .
 
 
إلا أن هذا الخبيث ظل معه حتى نقض عهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلم علم بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل إليهم وفدا يستكشف أخبارهم وكان الوفد مكونا من سيد الاوس في المدينة سعد بن معاذ وسيد الخزرج في المدينة سعد بن عبادة والصحابي عبد الله بن رواحة .
 
 
وعاد الوفد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالخبر المؤلم ، لقد نقض يهود بني قريظة العهد ، وهكذا انضم بنوا قريضة إلى الأحزاب . واشتد البلاء والخوف فلاتوازن بين القوى .. الأحزاب عشرة آلاف مقاتل ، والمسلمون ثلاثة آلاف رجل ففي هذا الوقت العصيب حاول الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخفف البلاء عن المسلمين بمفاوضة غطفان على ثلث ثمار المدينة مقابل رجوعهم ، وكتب بذلك كتابا استشار فيه الأنصار ، أصحاب الأرض والبساتين .
 
 
 فقال له سعد بن معاذ " أمرا تحبه فنصنعه أم شيئا أمرك الله به لابد لنا من العمل به أم شيئا تصنعه لنا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل شيء اصنعه لكم ، والله ما اصنع ذلك إلا أني رأيت العرب قد رمتكم بقوس واحد " فقال سعد بن معاذ :
 يا رسول الله قد كنا وهؤلاء على الشرك وعبادة الأوثان ولا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قرى أو بيعا ! أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا !؟ والله ما لنا بهذا حاجة ، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم . فقال عليه الصلاة والسلام فأنت وذاك ، فتناول سعد بن معاذ صحيفة الصلح المقترح فمزقها .
 
 
 أقام المسلمون داخل المدينة المحصنة وقريش وحلفاؤها من الخارج ولم يكن هنالك قتال مباشر بين الجيشين وقد أثبتت فكرة الخندق أنها فكرة عظيمة وكانت عاملا مهما في منع الأحزاب اقتحام المدينة ، وقد حاول بعض فرسان قريش التسلل إلى المدينة عن طريق مكان ضيق من الخندق ، ولكن فرسان المسلمين بقيادة علي بن أبي طالب رضي الله عنه تصدوا لهم وحالوا بينهم وبين ذلك وقتلوا منهم عددا كبيرا ، ثم قام رجل مسلم يخفي إسلامه يدعى نعيم ابن مسعود الأشجعي وكان أحد دهاة العرب بمكيدة بين فريقي الحلف المعادي للإسلام قريش واليهود ومشى بينهم بكلام ثبط همم بعضهم البعض فأوهن الله صفوفهم وبث الفرقة بينهم ووقعت بينهم عداوة ، وعدم الثقة في الطرف الآخر فاختلفوا اختلافا شديدا وأرسل الله الملائكة يزلزلون الأرض من تحت أقدامهم ويلقون في قلوبهم الرعب .
 
وهبت ريح شديدة اقتلعت الخيام وقلبت القدور وأطفأت النيران وهربت الخيل في الصحراء .
 
 
 وهكذا رد الله كيد الكفار والمنافقين واليهود ورد المشركين عن المدينة ، وكفى الله المؤمنين شر القتال وصدق وعده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده .
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق